الاحتلال البزنطي لبلاد المغرب
خطة البحث
مقدمة
المبحث الاول الاحتلال البيزنطي لبلاد المغرب
المطلب الاول الحملة البيزنطية
المطلب الثاني أسباب الاحتلال البيزنطي لبلاد المغرب العربي
المطلب الثالث نزول الأسطول البيزنطي بسواحل إفريقيا
المبحث الثاني الاوضاع بلاد المغرب عشية الاحتلال البيزنطي
المطلب الاول الاوضاع الاجتماعية والسياسية
المطلب الثالث التقسيم البيزنطي لمقاطعات بلاد المغرب
خاتمة
المراجع
مقدمة
لازالت دراسة تاريخ المغرب القديم تحتل مكانة معتبرة في الجدل التاريخي العالمي ، لما لها من موروث ولحجم وطبيعة الأطروحات التاريخية التي خاضت في هذا الموضوع منذ أكثر من قرن . وإذا كانت الفترة الاستعمارية قد أحدثت تراكما كبيرا للأدبيات التاريخية والمحاولات التنقيبية ، أعطت المعرفة التاريخية سندا توليفيا لا يمكن الاستغناء عنه في زمننا هذا . فان مقاربة هذه المواضيع أصبحت أصلا تتطلب عملية تنقيب أولية في هذه الكتابات التاريخية قبل الخوض في معالجتها ميدانيا أو إلزامية كتابة ما يمكن تسميته بتاريخ التاريخ لمعرفة جذور تأسيس الخطاب التاريخي والأطروحات التي أسست العديد من الصور والقوالب التي طالما ظلت تتحكم أو تساير التاريخ المغربي القديم إلى الوقت الحاضر ، ورغم بوادر الدراسات التاريخية التي شهدها الجامعات المغاربية ، بمختلف توجهاتها و مناهجها فقد ظلت المدرسة العربية أكثر الجابا و تحكما في توجيه الجدل العلمي التاريخي وأكثر دقة أو تخصصا في معالجة العديد من الملفات
فماهي اسباب الاحتلال البيزنطي لبلاد المغرب؟
المبحث الاول الاحتلال البيزنطي لبلاد المغرب
المطلب الاول(الحملة البيزنطية)
كان طموح الإمبراطور البيزنطي جوستينيانوس"justinien"(1)، الراغب في إنشاء إمبراطورية عالمية واسترداد أمجاد الإمبراطورية الرومانية وراء الحملة البيزنطية على بلاد المغرب، وكما نجد أيضا جملة من الأسباب و العوامل التي عجلت ذلك، ويمكننا إيجازها في الصراع الديني الذي كان قائما آنذاك بين المذهبين المسيحيين الكاثوليكي والأريوسي ،وما نجم عنه من تعرض كاثوليك إفريقيا لمتابعات وإضطهادات عديدة طيلة فترة حكم الوندال الأريوسيين (429-533م)، الذين نعتوا ب:"أعداء الروح والجسد" في قانون جوستينيانوس، فكان من الطبيعي أن يلجأ هؤلاء إلى إمبراطور الشرق لطلب النجدة .
ولقد هاجر إلى القسطنطينية في هذا الوقت عددا كبيرا من الأفارقة الذين كانوا ضحايا الإضطهادات الوندالية وعدد من الأساقفة الذي كانوا عرضة للتعذيب الوندالي والتف حول كل هؤلاء الأرثوذكس يتوسلون من الإمبراطور التدخل (2).
وكان "جوستينيانوس" مسيحيا ، كاثوليكيا متحمسا، وعند علمه بما يلاقيه أهل مذهبه في المغرب على يد الوندال الأريوسيين عزم على إنقاضهم وهي فرصة للاسترجاع أراضي بلاد المغرب من الو ندال في نفس الوقت (3).
كما أظهر هلدريك "Hilirie " تسامحا كبيرا تجاه الكاثوليك، قد تكون صداقته بـ:جوستينيانوس وراء ذلك، وهو ما أثار استياء الو ندال، كما كانت الهزائم العديدة التي منيت بها الجيوش الوندالية أمام الأهالي خاصة في المزاق، وراء الاستياء الجيش الوندالي وإبعاد "هيلدريك" وتعين "جلمير"Geilimer"حاكما جديدا ، وهو ما تسبب في انقسام عميق في صفوف الوندال ، وساعد ذلك في تدخل البيزنطيين (1) .
ضف إلى ذلك الثورات المحلية لقبائل المور التي لم تكن أقل إحراجا للسلطة الوندالية إذ لم تتأخر القبائل المحلية في العمل على التخلص من سلطة "جنسريق"، حيث أعلن عن إستقلال الأوراس من "هونوريق"Huniric " (477-484م) دون أن يتمكن الوندال من إخضاعهم ثانية ، بعد الأوراس يأتي دور منطقة الحضنة والزيبان فكانت هذه الثورات التي لم تجد رادعا لها وراء وصول الأهالي إلى السهول ، واجتياز خطوط الحصون الرومانية ، التي كانت تحول سابقا دون الوصول إلى الهضاب العليا النوميدية ، وكما كانت ثورة طرابلس في عهد تراساموندوس "Trassammund"(496-522م) بقيادة قابلون Gabaon، وفي عهد هلدريك تمكنت قبائل المزاق من إلحاق الهزيمة بجيوش الوندال اكثر من مرة ، فكانت كل هذه الثورات وراء إرهاق إمكانيات الوندال ، وإضعاف جيوشهم والحد من نفوذهم الذي بدأ ينحصر شيئا فشيئا (2)..
إضافة إلى كل هذه العوامل، تجبر جلمير،وقصر نظره زيادة على انحياز قوط ايطاليا
Ostrogoths" إلى جانب الإمبراطور البيزنطي جوستينيانوس، خاصة بعد اغتيال أمالا فريدا " Amalafrida " زوجة "تراساموندوس" القوطية. (1).
وكان وزراء جوستينيانوس يوقنون بأن البربر بعد أن نشأت ممالكهم ، واسترجعوا قوتهم لا يمكن أن يخضعوا لهم ، وأن الخسائر في احتلال ما يستطيعون احتلاله من المغرب أضعاف الربح، ولكن الغيرة على الأرثوذكس وحب الانتقام من الو ندال واستفزاز الأساقفة الأرثوذكس، وتحريضهم على الانتقام من الو ندال الأريوسيين وتخليص أتباع مذهبهم في المغرب جعل جوستينيانوس يصر على غزو المغرب رغم ما كان ينتظره من خسائر مادية وبشرية (2)..
وجاءت الفرصة المنتظرة حيث وقعت حرب داخلية بين الوندال في "سردينيا" واصطحب القائد البيزنطي "بليزار"معه في هذه الحملة زوجته فكان لا يخالف لها أمرا كما اصطحب رئيس أركان حربه"صولومون" Solomon" الذي كان له دورا رئيسيا سواء في محاربته للبربر أو في تنظيم افريقية ورافقه كذلك كاتبه ومؤرخه بروكوب(3) الذي يرجع له الفضل في وصف الحملة البيزنطية على بلاد المغرب (4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)محمد الهادي حارش، المرجع السابق، ص267.
(2)محمد علي دبوز، المرجع السابق، ص440.
(3)بروكوبيوس"Procopuis":مؤرخ بيزنطي ولد في قيصرية بفلسطين حوالي نهاية القرن الخامس بعد الميلاد،عين أمين سر خاصا للقائد بليزار عام527م، وصاحبه في حملاته على فارس وايطاليا وكان ضمن الحملة على بلاد المغرب، ويعود له الفضل في وصفها.أنظر:علي فهمي خشيم، نصوص ليبية، ط1، منشورات دار مكتبة طرابلس، ليبيا،1967، ص 209 .
(4)محمد علي دبوز، نفس المرجع، ص441 .
المطلب الثاني أسباب الاحتلال البيزنطي لبلاد المغرب العربي
فيما يأتي الأسباب التي أدت للاحتلال البيزنطي لبلاد المغرب: السعي الدؤوب إلى فرض الحماية المطلقة على حدود الدولة البيزنطية من أي اعتداء خارجي. غنى البلاد بالثروات الهامة وكان ذلك من أهم الأسباب للسيطرة عليها، فقد تمتعت منطقة المغرب العربي بوجود خمس دول تتميز بوجود الأنهار والبحر والجبال فيها والعديد من الثروات الطبيعية، فأدى ذلك إلى أن يكون سببًا رئيسيًا لوجود الأطماع فيها. تمتع البلاد بموقع إستراتيجي هام، إذ إنها كانت قريبة من دولة أوروبا ومن دول الوطن العربي في آسيا، أي تقع في المنتصف. رغبة القائد جوستنيان في إعادة أمجاد روما التي كانت قد وضعت يديها على بلاد المغرب العربي من قبل. انتهاج الاحتلال البيزنطي سياسة صارمة في فرض سيطرته على البلاد، فاستخدم القوة العسكرية في ذلك، فأقام الحصون والمنشآت العسكرية، ولجأ إلى تقسيم المنطقة إلى أربع مقاطعات يترأس كل منها قائد عسكري. كان أسلوب التجويع والتفقير منتهجًا من قبل البيزنطة، إذ أرهقوا كاهل الشعوب بالضرائب الكبيرة ومصادرة أملاكهم عنوة، الأمر الذي ساهم في انقسام المجتمع إلى طبقتين هما: طبقة الروم والبيزنطة وهم الأثرياء، وطبقة المغاربة وهم الفقراء الجياع.
_______________
شارل أندري جوليان، المرجع السابق ، ص258.
(3) محمد الهادي حارش، المرجع السابق، ص268.
المطلب الثالث نزول الأسطول البيزنطي بسواحل إفريقيا
في أوائل سبتمبر من سنة 533م وكان القائد البيزنطي "بليزار"(1) شديد الحذر دائما فأبى السماح لقواده بدخول قرطاجة عنوة، وأذن لجيوشه في رأس كابودية" Ras Kabaudia على بعد حوالي مائة كلم ، من جنوب سوسة بـتونس) التي توجه إليها، وكان يتقدم جيشه فيلق من الخيالة ،على يساره جند قوم الهان"Huns " ويواكبه على اليمين الأسطول البحري ، وظل يسلك بليزار الطريق الساحلي ، حيث كان يقطع كل يوم مرحلة صغيرة خشية الكمائن، ودخل الجيش البيزنطي سوسة بعد أن اجتاز بدون صعوبة رأس ديماس و لمطة ومنها وصل إلى سيدي خليفة(2)..
وعندما وصل إلى جلمير خبر نزول البيزنطيين بإفريقية أسرع بالكتابة إلى شقيقه أما تاس Ammatas في قرطاجة يأمره بقتل هليدريك والمقربين منه وتجنيد الوندال والاستعداد الانتقال إلى سيد فتح الله وهو المكان الذي اختاره جلمير لمعركة كبرى كانت ستعرقل الزحف البيزنطي لولا الخطأ الذي ارتكبه أما تاس والذي كان سببا في اندحار الوندال في هذه المعركة ، وزوال دولتهم من الوجود في ما بعد ، حيث كانت خطة المعركة تقتضي بأن يخرج أما تاس من قرطاجة ويتقدم لوقف البيزنطيين عند مضيق سيدي فتح الله على بعد خمسة عشرة كلم من قرطاجة ، بينما يهاجم جيباموند Jibamund ابن عم جلمير ميسرة الجيش البيزنطي على رأس ألفي مقاتل، في الوقت الذي يهاجمهم جلمير من الخلف، كانت هذه الخطة مدبرة بشكل جيد ، وكان بالإمكان أن تكون لها نتائج وخيمة على الجيوش البيزنطية لو تم تنفيذها بشكل جيد .(3)
لكن وصول أما تاس قبل وصول باقي القوات الوندالية ودخوله المعركة قبلهم مكن يوحنا الأرميني من التقدم نحو قرطاجة بعد إبادة قوات أما تاس الذي قتل في المعركة،تقدم جيباموند لمهاجمة مسيرة القوات البيزنطية لكنه اضطر إلى التراجع قرب سبخة السيجومي بعد أن ترك العديد من القتلى في الميدان، أما جلمير فقد فوت على نفسه الفرصة رغم الانتصار الجزئي الذي حققه على البيزنطيين نتيجة انشغاله بجنازة شقيقه فتمكن على إثره بليزار من جمع قواته ومباغتته وبدالك حققت الجيوش البيزنطية انتصارا كبيرا تمكن على اثر ذلك بليزار من دخول قرطاجة بسهولة في اليوم الموالي:14سيبتمبر533م (1) .
عمل جلمير الذي فر إلى "يولاريجيا" حمام الدراجي" بعد شقيقه تازازون "Tazazon" من سردينيا على استرجاع ما فاته، فتقدم نحو قرطاجة التي حاول إخضاعها بقطع الماء عنها،كما حاول إقحام بليزار في المعركة دون جدوى، وفي 15ديسمبر من سنة 533م ، هاجمه هذا الأخير وهزمه في معركة" تريكاماروم" T
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بليزار:قائد بيزنطي، خدم جوستينيانوس وزوجته ثيودورا، قمع ثورة الأحزاب في القسطنطينية سنة532م المعروفة بثورة نيكا، أعاد فرض سيادة بيزنطة على افريقية وصقلية وايطاليا أنظر
المنجد في الإعلام ، ط16، دار المشرق ، لغة عربية ، بيروت ، لبنان ،1988 ، ج1 ص212.
المبحث الثاني الاوضاع بلاد المغرب عشية الاحتلال البيزنطي
المطلب الاول الاوضاع الاجتماعية والسياسية
تمثل الفترة الانتقالية بين القرن الخامس ميلادي وبداية الاحتلال البيزنطي نقطة غموض كبيرة في تاريخ المغرب القديم ، فغياب المصادر المادية وأحادية النصوص الأدبية لاسيما المسيحية منها جعل من اليسير الحكم على هذه المائة سنة ، طيلة العقود الماضية بالظلامية ، بل كان من السهل الدفاع عن هذه الفكرة والترويج لها ، إلا أن تطور الطروحات التاريخية حمل التساؤل إلى عمق العديد من القضايا التي أفرزتها القراءات الحديدة للمصادر أو الاكتشافات الأثرية الحديثة رغم قلتها ، دون الاكتفاء باحترار الخطاب الديني للكنيسة الكاثوليكية المعاصرة لتلك الفترة ، وبالتالي أضحى من الضروري الوقوف على الخلفية الوندالية للخريطة المغربية لتتبع مختلف التحولات الاجتماعية والسياسية في بلاد المغرب خلال الفترة البيزنطية . فاذا كان حقا الخطاب الإمبراطوري من خلال مرسوم جستنيان يطرح خلفية معرفية لهذه الخريطة المغربية ، والتي سرعان ما اتضح أنها بعيدة عن واقع بلاد المغرب ، فما طبيعة البنية الحقيقية للمجتمع المغربي عشية الاحتلال الوندالي ؟ بل ما هي مناطق تواجد الوندال أصلا ، وما وضعهم القانوني والسياسي ، وكيف حكموا المغرب ؟ ما الذي أحدثه الوندال من تغيير في خريطة المغرب القديم وهل أعادوا هيكلة الأقاليم وأنشأوا إدارة مميزة ؟ بل هل يمكن الوقوف على معالمهم ونصوصهم الأثرية أوعلى الأقل على جوانب من العمارة التي تركوها ؟ ما مكانة الكنيسة الكاثوليكية في السياسة الوندالية ونتائج ذلك على الأوضاع الاجتماعية وما علاقة هؤلاء الوندال بالكيان الموري الاحتلال البيزنطي ؟ في الواقع لم يكن الوندال أول من توجه إلى بلاد المغرب ، فعقب تقهقر الإمبراطورية الرومانية ، شكلت الرفاهية الإفريقية من دون شك ، المطمع الرئيسي لعدد من الشعوب والشخصيات الانفصالية ، فمثلا قرر الملك الحرماني الآريك Aluric سنة 410 مغادرة إيطاليا والتوجه إلى إفريقيا إلا أن أسطوله تعرض في خليج مسينا إلى عواصف بحرية أجبرته على التوقف " ، وفي سنة 413 أعلن حاكم إفريقيا الكونت هر قليان Heraclien نمرده عن الإمبراطورية " كما قرر ملك القوط الغربيين قاليا Vallin احتلال إفريقيا
في الواقع لم يكن الوندال أول من توجه إلى بلاد المغرب ، فعقب تقهقر الإمبراطورية الرومانية ، شكلت الرفاهية الإفريقية من دون شك ، المطمع الرئيسي لعدد من الشعوب والشخصيات الانفصالية ، فمثلا قرر الملك الحرماني الأريات Alarne سنة 410 مغادرة إيطاليا والتوجه إلى إفريقيا إلا أن أسطوله تعرض في خليج مسينا إلى عواصف بحرية أجبرته على التوقف " . وفي سنة 413 أعلن حاكم إفريقيا الكونت هر قليان Heraclien تمرده عن الإمبراطورية ، كما قرر ملك القوط الغربيين فاليا Vallia احتلال إفريقيا سنة 415 انطلاقا من اسبانيا فكانت العواصف البحرية أيضا في الموعد فأوقفت مشروعه " . وقد تضيف حركة التمرد التي قام بها بونيفاس Boniface والتي نتج عنها مواجهة بين الجيش الإفريقي والوحدات الإمبراطورية المرتين متتاليتين ما بين 427 - 428 ، وهي المرحلة التي تعتبرها المصادر بمثابة السبب الأساسي للتوغل الوندالي في الأرض الإفريقية . " ورغم أن الانتباه لهذا الخطر قد أدى إلى إمضاء المصالحة سنة 429 إلا أن تطور الأحداث كان أسرع ، 6 الايطالية 35 وكان من الصعب إرجاع الشعب الحرماني الى ما وراء مضيق جبل طارق . وبالتالي على اختلاف تطورات الأوضاع بالقسم الغربي للإمبراطورية الرومانية ، ينفق حل المؤرخين على تعت المقاطعة الإفريقية عشية الاحتلال الوندالي بالرفاهية الارستقراطية النازحة من روما والمناطق رغم ما كانت تشهده من اضطرابات دينية بسبب الصراع مع الكنيسة الدوناتية ، وما نتج من عمليات اضطهاد ومصادرة " . فقد تحدث عنها القس کواندالفيتوديس Quodvultdeus بنوع من الحنين « asplendissimae civitates ، ووصفها فيكتور الفيتي بالمقاطعة " الهادئة ، المستقرة ، الجميلة والمزدهرة " . وهو ما أكدته بعض الدراسات الأثرية مثل أعمال ديفال بصبيطلة ، أو الدراسة الإحصائية التي قام بها لويللي حول الإفريقية إلا أن هذه الوضعية المتميزة بين المقاطعات الرومانية ، كانت تخفي أيضا مظاهر التقهقر ، فاذا كانت الصراعات الدينية قد انكمشت بفضل الجهود التي قام بها القديس أوغسطين.
_______________
2 Procope , B.V . 1 , 2,7 : 14-24 28-30 ; 36-37 " Zosime , Histoire nouvelle , T.III , Tere partie , Livre V , 37 , 6 , p.56 , VI , 8,3 , p.12 Trad F.Paschoud , les belles lettres , paris , 1986-1989 C. Courtois , V.A p.131 , nº4,155 : A.Chastagnol , la prefecture urbaine à Rome sous le Bas - Empire , Paris , 1960.pp 264-265
المطلب الثاني التقسيم البيزنطي لمقاطعات بلاد المغرب
التقسيم اليزنطي للمقاطعة الإفريقية . يعتبر نص المرسوم الإمبراطوري لسنة 534 م والمتعلق بتقسيم المقاطعة 39 108 112 حيث أكد على تقسيم المقاطعة الأفريقية الى 07 ولايات ، وتصيفها إلى مستويين مختلفين ، تميز الأول بوجود ثلاث ولايات تحت إدارة قناصلة وهي كل من البروقنصلية ، ولاية المزال والولاية الطرابلسية . بينما كانت ولايات نوميديا ، موريطانيا وسردينيا تحت إدارة حكام أقل رتبة رغم ما تطرحه صعوية مطابقة هذه المقاطعات السعة ، خاصة إذا اعتمدت التصحيحات التي قام ما مومن Mommen 10 على أساس أن الولاية الطنجية هي في الواقع ملحقة بالمقاطعة الاسبانية ، صححت مصطلح 20ugt لتصبح مرادفة للولاية البروقنصلية ، وبالتالي لا يصبح عدد الولايات إلا سنة ، اللهم إذا تمت قراءة كلمة موريطانيا بصيغة الجمع دلالة على الموريطانيتين ( السطائفية والقيصرية ) . ومع ذلك فيمكن القول أن هذا التقسيم شبيه بالذي كان سائدا في عهد الإمبراطور دقلديانوس حيث كانت أيضا 07 ولايات هي موريطانيا القيصرية ـ موريطانيا طابيا - نوميديا الميلية - توميديا السرتية ـ البروفيصلية - المزاق ـ الطرابلسية " كما أشارت من جهتها قائمة الدبعيناتوم Notitis Dignitaran في نهاية القرن الرابع ميلادي أن إفريقيا كانت مقسمة إلي 06 ولايات . رغم أنها أوردت مصطلحات جغرافية حديدة ، حيث يبدو أن النوميديتين أصبحنا تشكلان ولاية واحدة ، في حين أصبحت موريطانيا طايا المثل موريطانيا العالمية . وعموما يعرف النظر عن سردينيا ، نلاحظ أن التقسيم الاداري الوارد في نص حان وتوزيع الحكام هو نفسه الذي لعت عليه قائمة الديغنيناتوم ، حيث تعد على رأس الأقاليم الإفريقية : 03 فاصلة و 03 حكام إدارين بولية hatides مع إختلاف بسيط بين نوميديا التي كان يسيرها فصل 110 113 لقد عرضت قراءة " Tangl " في من مرسوم حسين التي طرحها گروه Kruger - 10 Tegi " مما يقلص عده الولايات إلى 0 وفي نفس الوقت الفتوح ديل Diehl أنه بناء على معطوط - Mont Cannin الذي يسجل موريطانيا في مهمة الجميع يؤدي إلى الاستفاد موجود مور مابين الطائفية والقيصرية
الولاية البروفيصلية يعود إنشاء هذه المقاطعة إلى عهد الامبراطور دقلديانوس ، رغم أن المصطلح ورد في مصادر أقدم ، فقد وصف بلين Wine الإقليم الممتد بين توسكة وطبرقة حتى المزاق بالروسيتانا 2eugitana ، الأمر الذي جعل مطابقة هذا المصطلح كمرادف لليروقنصلية ، أو الإقليم القرطاحي ، يمثل الحل الأمثل لمعاقة نص المرسوم الامبراطوري في معرف من تقسيمات ویدوان نطاق هذا الإقليم قد أصبح يشمل الجانب الشرقي من نوميديا البروفضلية والمواقع المحيطة بقرطاج " حيث اعتبرها بكار عند بين وادي مليان وسهول مجردة ، مما يسمح بتصور مكانتها الفلاحية ، كانت أهم مدها باحا Vaga دوقة Thugga وبرج هلال Thumusada Thumusuda مع امكانية امتدادها إلى منطقة الكاف Sicca Veneria حيث يبدو أنها ظلت مرتبطة بقرطاج كعاصمة أيضا للولاية ، 118 117 119 ولاية المراق : صف بلين Pline منطقة المراق بأنها تند على حوالي 250000 قدم ، أو ما 370 كلم ، وتتميز بخصوبة كبيرة ، حيث نتج ما يعادل 100 مرة ما يزرع 1234 . ويعني ديرالج أن هذه الحصرية هي التي جعلت الامبراطور دقلديانوس يؤسسها ما بين البروقتنصلية ونوميديا 12. وتظل الحدود الحقيقية لهذه المقاطعة مجهولة ، رغم معرفتنا لعدد من المواقع التي حافظت على حيويتها إلى ما بعد الفتوحات الإسلامية ، مثل مدينة قفصة ، بفضل موقعها الاستراتيحي " ، وإشرافها على المعابر الأساسية التي تمر بين شط الجريد والغرسة ، والمسالك المؤدية إلى كل من قابس جنوبا ونسة غربا إلى جانب السهول الشمالية المؤدية إلى قرطاج ، وبالتالي يمكن اعتبارها بمثابة بوابة البـية وعاصمة إقليمية ، 120 وهو الأمر الذي جعل حسيان يختارها من بين مقرات إقامة حاكم ولاية المراف ، وكثيرا ما تم الحديث عن الطريق المحفوف بالقلاع الرابط بين هذه المدينة والمناطق الشمالية ، مثل قصور الحريب Ksour - el - Kub ، أو حقة العيش Khenguet - el - Aich ، وقصر القول Kasr el Foul ، فضلا عن المدينة القديمة Thelepte موقعها الاستراتيجي المتمير . وعين بودرياس Aim Bou riss والتي تؤرخ قلعتها برمن سولومون . كما تفيدنا نصوصي بروكوب عن كل من مامس Mamma وكولوليس Kouloulis ، 131 134
يرجح أن أصل هذه التسمية هوتري - بوليس Tripolis أي المدن الثلاث وهي Letia Maga ، أويا dea وصيانة Sahrutha وحسب بول أوروز P.Orose عند هده الولاية مين Arne Philaenorum شرقا و Lacus Salinarur غربا و إذا كان مصطلح تري ليس قد ظل مستعملا في الفترة البيزنطية فيبدو أن فترة الفتوحات قد أعطت الأولوية للتعمم اسم أياس وهي أحد المدن الثلاثة المذكورة سابقا بدو أن العمران لم يتجاوز الشريط الساحلي حتى لبدة 139 شريط من 137 138 HO . ولاية نوميديا : عند تقسيمات هذه الولاية إلى فترة الممالك النوميدية ، إلا أنها رغم حفاظها على نطاقها وعاصمتها سيرتا قصد إصلاحات دقلديانوس يمكن التفرقة بين 03 أنواع من وميديا : نوميديا الأصلية ويعود إنشاؤها إلى الفيلق الأغطي الثالث ، ثم إلى هيكلتها خلال الفترة السيفيرية ، واد كانت قد ظلت حدودها من الغرب موريطانيا ، فيبدو أنها من الجهة الشرقية قد فقدت الشريط الرابط بين هيون Hippone و تیفیت Theveste الصالح البروفصلية
ولايتي موريطانيا ورد الحديث عن موريطانيا في صيغة المفرد في نفى مرسوم الامبراطور جستنيان ، ولتجاوز اشكالية عدد الولايات المذكور : 07 ، اقترحت قراءة تصحيحية بصيغة الجمع ، سرعان وحدت قبولا من كل الباحثين ، وهي صبغة منطقية لحد سندها في عدد من المصادر الأدية و بالتالي اذا اعتبرنا أن موريطانيا الملحية قد أصبحت مهيكلة ضمن المقاطعة الإسبانية ، فلا مجال لذكرها ضمن هذه القائمة . كما يمكن العودة إلى ذلك من خلال إشارة بروكوب لكل من موريطانيا الأولى وموريطانيا الثانية للتفرقة بين موريطانيا السطائفية والقيصرية ، الأمر الذي يدعو للاعتقاد بأهما الموريطانيتان اللتان امتد اليهما الاحتلال البيزنطي ولو جزئيا.
_____________
Ch.Diehl , Afr Byz . p Procope , De Aed . VI , Corippus , Joh , VII , 111-136 Y Moderan , les maures et l'Afrique romaine , p . 290-309 * M.Bennabes , l'Afrique Byzantine face à la conquete arabe , p.64
خاتمة
يحظى تاريخ المغرب القديم بمكانة مرموقة في سطور التاريخ العالمي، ويأتي ذلك انطلاقاً لما قدّمه ذلك التاريخ الحافل بالأمجادِ من موروث مادي وأدبي إلّا أنّ الفترة الاستعمارية خلال فترة الاحتلال البيزنطي كانت الأكثر أهمية لدى المؤرخين والباحثين. فقد كانت المنطقة محط أنظار الإمبراطور البيزنطي جوستينيانوس منذ زمن بعيد حيث كان يسعى إلى إنشاء إمبراطورية عالمية في هذه المنطقة لاسترجاع أمجاد الإمبراطورية الرومانية التي كانت خلف الحملة البيزنطية على البلاد، إلّا أنّ ذلك لم يكن السبب الرئيسي لوقوع المغرب العربي تحت راية الاحتلال البيزنطي إنّما يعزى ذلك إلى عدة عوامل مؤثرة من بينها الصراعات الدينية.
المراجع.
فاير عيب اسكندر الحياة الأفريقي في عهد الوندال الاسكندرية ، مطبعة الجبلاوي البولاقية 1987
الهادي سليم حول الطريق جرجير تاريخ الساب العليا من العصر القديم إلى العصر الوسيط ت اليه الحاوي , سبيطلة ، فعاليات ملتقى طلة 1998-1999 2001 ، مي 35 -40 شي مب موريطانيا القيصرية . دراسة حول ليس الموريطان ، رسالة دكتوراه دولة ، جامعة الجزائر 1992-
تقبال موسى ، دور كتامة في تاريخ الخلافة الفاطمية ، الجزائر ، 1979
. عيش يوسف . " پيداس أمير الأوراس " مجلة الحوار الفكري 01 ، مدير البحوث و الدراسات التاريخية ، كلية العلوم الانسانية و العلوم الاجتماعية ، جامعة منتوري قطينة 2001 مي : 42 -47 عيش يوسف المور والرطيان في بلاد المغربية خلال القرن السادس .. قسم التاريخ ، 1996
عيش يوسف ، حال مدن المغرب في نهاية التاريخ القدي ، محلة سيرنا ، 12 ، معهد العلوم الاجتماعية ، منتوري ، قطينة ، 1999 ، في :
عيش يوسف الأوراس في مصادر القرن السادس من جملة الآداب و العلوم الإنسانية ، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية ، قسطينة ، العدد 2 ، 2003 ،
منشوري محمد الطاهر ملامح بعض الفئات الاجتماعية في افريقيا في العهد البيزنطي 533ـ 709 ،
المعيون في تاريخ تونس الاجتماعي ا م م ا ت دا التسومي ، المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون ، وزارة الثقافة ، بيت الحكمة قرطاج . حسين مؤنس فتح العرب للمغرب ومكة الثقافة الدينية أويس ميلود تيجان مدينة كوكول دراسة معمارية جامعة الجزائري قسم الآثار ، رسالة ماجستير 2004
1. Albeche , Y. ( 2003 ) . Le Mausolée royale de la Soumaa [ Algerie au temps des royaumes Numides . G. S. e . C. Colonna . Rouen : 97-100 .
2. Aibeche , Y. ( 2005 ) . De Cirta a Constantine , reperes et histoire . Idendités et Cultures dans l'Algérie antique . C. poinsot . Rouen : 23 34
. 3. Aibėche - M.Christol , Y. ( 2005 ) . Remarques sur les inscriptions de Mons ( Algérie ) : autour de la redécouverte d'une inscription Actes de la rencontre d'épigraphie franco - italienne de Macerata
, 4. Aibèche - M.Christol . , Y. ( 14 octobre 2006 ) . Municipium Mopti : le municipe de Mopt ( h ) i , entre Sétif et Cuicul communication à la SFER , Centre Glotz .
تعليقات
إرسال تعليق