المعارضة في الدولة الاموية

 



خطة البحث 

مقدمة

الفصل الاول  لمحة عن الدولة الاموية 

المبحث الاول بداية الصراع والمعارضة

المبحث الثاني الامويون وخراسان

المبحث الثالث  حركة الخوارج


الفصل الثاني  المعارضة في الدولة الاموية( الشيعة واليمانيين وسقوطها) 

المبحث الاول. الشيعية السياسية

 المبحث الثاني حركة  اليمانيين

 المبحث الثالث. المهدية وسقوط الدولة الأموية


خاتمة

المراجع





مقدمة

في جميع دول العالم ، وعبر كل التاريخ ، وبما فيه المنسي ، واينما وُجد نظام سياسي ودولة .. من الطبيعي ان تظهر معارضة للنظام السياسي ، او للدولة برمتها . وهي معارضة تتوزع بين معارضة جذرية راديكالية ، تستهدف كل الدولة ، وليس فقط النظام السياسي ، ويطلقون على هذه المعارضة التي تكون غالبا سرية تمتهن فن السرية ، بالمعارضة المتطرفة ، وبالمعارضة البلانكية وهلمجرا من التصنيف الخاوي .. لكن في مقابل هذه المعارضة المتطرفة العاشقة للسرية. 


فكيف ساهمت المعارضة في سقوط الدولة الاموية؟؟؟ 















الفصل الاول  لمحة عن الدولة الاموية 

المبحث الاول بداية الصراع والمعارضة

فيما بعد ورّث قصي زعامته السياسية الدينية لابنه عبد الدار الذي نازعه أخوته ولا سيما أبناء عبد المناف على إرث والدهم، وهو ما أدى لانقسام مكة وشطر أهلها إلى حزبين؛ هما حلف المطيبين وحلف لعقة الدم. فيما بعد تمت تسوية هذا الخلاف باقتسام المناصب بين آل عبد مناف وآل عبد الدار، ومن ثم وقع خلاف بين أفراد حلف المطيبين قاد لإنشاء حلفين جديدين؛ هما حلف بني هاشم وبني تيم وحلف آخر ضمّ بني أمية وبني مخزوم وبنو عدي.

بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان على يد متمردين في 35 للهجرة، هرع الناس إلى علي بن أبي طالب ليبايعوه بالخلافة، مصرين على توليه ولاية الأمر، وعندما تولى الإمام علي الخلافة بدأ بعزل الولاة الذين ولاهم عثمان بن عفان بما فيهم معاوية بن أبي سفيان، والذي كان قد تولى ولاية الشام منذ أكثر من عشرين عامًا. لم يرق لكثير من الصحابة تولي علي رضي الله عنه ولاية الأمر، ومنهم طلحة والزبير والسيدة عائشة، الذين توجهوا فيما بعد إلى البصرة؛ مطالبين الاقتصاص من قتلة عثمان. وبعد دخولهم البصرة قتلوا عثمان بن حنيف وهو والي علي على البصرة، واستولوا على المدينة كاملةً.1

أدى ذلك لخروج علي كرّم الله وجهه على رأس جيش نحو البصرة وهناك وقعت معركة الجمل، انتصر علي بن أبي طالب في هذه المعركة وقتل كلًّا من طلحة والزبير، وهي أعتى معارك العصر الأموي حصرًا. بعد انتهاء معركة الجمل نشبت فتنة أشد وطأة وهي رفض معاوية بن أبي سفيان مبايعة علي بن أبي طالب وطالبه الاقتصاص من قتلة عثمان، ومتهمًا إياه بأن له يدًا بمقتل الخليفة الثالث، مما أدى إلى نشوب معركة أخرى بين الطرفين هي معركة صفين. وتعتبر أكبر معركة داخلية وأهلية بين المسلمين والتي أدت للانقسام الكبير إلى فرقتين رئيسيتين هما الشيعة والسنة. في عام 661م أي 40 هجري، بعد مقتل علي بن أبي طالب على يد عبد الرحمن بن ملجم والذي نسبته بعض المصادر إلى أنه خارجي، توفي بعده بعشرين عامًا معاوية بن أبي سفيان سنة 60 هجري، واستلم ابنه يزيد مقاليد السلطة، وبدأ بأخذ البيعة من الناس وخاصةً مما تبقى من الصحابة وأبنائهم. غير أن الحسين بن علي رفض بيعة يزيد وتوجه نحو الكوفة، التي أعلن بعض قادتها الوقوف إلى جانب الحسين وطالبوه بالثورة على الدولة الأموية، على أثر ذلك وقعت حادثة كربلاء التي أدت إلى مقتل الحسين بن علي سبي نساء آل البيتبعد حادثة كربلاء في العصر الأموي بفترة وجيزة توفي يزيد بن معاوية دون أن يسلم المقاليد لأحد، وحصل نزاع ضمن العائلة الأموية، بحيث أخفق معاوية الثاني بتسلم السلطة وتوفي بطريقة غامضة، ومن ثم تمت البيعة لمروان بن الحكم وذلك بعد اتفاق حدث في منطقة الجابية، سيطر بن الحكم على كامل بلاد الشام وبدأ يتجهز للسيطرة على العراق.2


____________________

1 محمد  جواد مغنية ، الشيعة والتشيع ص 

2 . ابراهيم بيضون ، التوابون ص 32 .


المبحث الثاني الامويون وخراسان 

في معرض ما يسميه ( فلوتن ) و السيطرة العربية ) La Dommination Arabe او سيادة الاقلية الحاكمة على شعوب البلدان المفتوحة ـ خاصـة في خراسان ، مختبر التحولات السياسية والاجتماعية في العصر الأموي ـ يناقش السياسة التوسعية التي رافقت انتشار الاسلام ونمط العلاقة بين الدولة و ر الشعوب المغلوبة ، . ويلاحظ أن ثمة تمايزاً بين الدعوة الى الإسلام وبين الدعوة الى المسيحية التي احتفظت بطابعها بين شعـوب ومجتمعات مختلفة ، تسللت اليها بهدوء ، بينما نزل الاسلام على هذه الشعوب بحـد السيف ، مستمداً قوته المعنوية والمادية من شخصية الرسول . واذا سلمنا مع ( فلوتن ) ، بأن الدعوة الى الاسلام ، خاصة في المراحل الأولى ، كانت متزامنة مع الانتصارات العسكرية التي حققها العرب المسلمون في المنطقة ، فأن الطريقة التي طرح بها الدين الجديد ، كانت أقرب الى الحوار منها الى العنف . وهي طريقة مبتكرة ورائدة لفئة منتصرة في ذلك الوقت ، حيث العلاقات العسكرية تطوع في الغالب كافة مظاهر المجتمع وقيمه ، لا سيما ا العقائدية ( 1 ) 6 ( 1 ) يمكن الرجوع الى كتب الرسول التي توجه بها الى معاصريه من الملوك والامراء ، وكذلك كتب القادة لقد زعم ( فلوتن ) ، وهنا لا يتخلى عن نزعته الاوروبية و التفوقية ، ، بأن شعباً غير متحضر وغير مثقف ، استطاع بسط نفوذه خلال عشر سنوات فقط على شعب بكامله ، وفي خلال عشر سنوات أخرى على شعوب المنطقة كافة . فهل يتفق ذلك مع قوله ايضاً ، بأن حرية العقيدة وملكية الارض ، ظلتا في متناول هذه الشعوب ، التي كان عليها ان تؤدي مقابل ذلك ضريبة عادلة ومشروعـة ؟ ثم يسترسل في التناقض مشيرا الى صانعـي هذه الفتوحات ، وهي القبائل العربية غير المثقفة كما يراها ، فيعتبر دوافعها حيناً وطنية وحيناً آخر جهادية ، تنطلق من قاعدة الالتزام بالقتال المفروض على كل مسلم دفاعاً عن عقيدته .1

لقد زعم ( فلوتن ) ، وهنا لا يتخلى عن نزعته الاوروبية و التفوقية ، ، بأن شعباً غير متحضر وغير مثقف ، استطاع بسط نفوذه خلال عشر سنوات فقط على شعب بكامله ، وفي خلال عشر سنوات أخرى على شعوب المنطقة كافة . فهل يتفق ذلك قوله ايضاً ، بأن حرية العقيدة وملكية الارض ظلتا في متناول هذه الشعوب ، التي كان عليها ان تؤدي مقابل ذلك ضريبة عادلة ومشروعـة ؟ ثم يسترسل في التناقض مشيراً الى صانعـي هذه الفتوحات ، وهي القبائل العربية غير المثقفة كما يراها ، فيعتبر دوافعها حيناً وطنية وحيناً آخر جهادية ، تنطلق من قاعدة الالتزام بالقتال المفروض على كل مسلم دفاعاً عن عقيدته ، B . ، ولعل المسألة ليست الى هذا الحد من التعقيد او الغموض . فهناك عدة مؤشرات قد لا تخضع بصورة دقيقة لقانون اجتماعي ثابت او معادلة سياسية قائمة ، لان القبائل و غير المتحضرة ، التي تحدث عنها ( فلوتن ) ، كانت في معظمها على معرفة او إلمام بالقرآن ، حيث كان المسلم الجديد ملتزماً بحفظ نصوصه وترديد آياته . ومن ناحية اخرى ، فان نظاماً متاسكاً ومتطوراً كان وراء هذه القبائل ، يدفعها دون إكراه الى ممارسة دورها التاريخي في المتغيرات الجذرية الجديدة ، المعاصرة لبدايات الخلافة الراشدية بصورة خاصة . ولقد كان اللجوء الى السيف آنذاك ظرفياً ، تحتمه المجابهة مع انظمة عريقة ، وليس مع شعوبها .. وهو بالتالي غير معبر عن مزاج قبلي او نزعة دموية ، () العرب الى اعدائهم قبل الاحتكام الى السيف . ولدينا كذلك وثيقة الاتفاق بين خالد بن الوليد ونصارى الحيرة ، وهي تعتبر نموذجاً في العلاقات الانسانية الراقية التي وضعت اسس التعامل مع البلاد المفتوحة وشعوبها في المستقبل .

التصقت بهـذه العقيدة ، كما روج بعض المستشرقين . وليس أدل على المدن او القرى ، لم يسجل الا نادراً حوادث قمعية او ی ا ذلك ، من ان فتح استباحية ، كانت تجد تسويغها في القانون العسكري المتعارف عليه ، الذي يميز بين الفتح الصلحي والاكراهي . ، ( ان ( فلوتن ) يلجأ الى إفراغ الفتوحات من أية مضامين انسانية أو ، تبشيرية ، واصفاً اياها بالاحتلال ، حيث يعيش شعب منتصر على حساب آخر مغلوب . وهو متأثـر هنـا بمقولة سلفيه فون كريمر Von Kermer ) وجولدتزهر Goldziher ( ، وهي لا تعبر بالضرورة عن بواكير العلاقة بين الدولة ورعاياها غير العرب . فقانون الارض ـ وهـو من تشريع عمر بن الخطاب ـ لم يمس جذرياً حقوق الفلاح عليها واستغلاله لها ( * ) فضلاً عا كانت تقدمه الدولة من خدمات ، وذلك مقابل ضريبة عادية لقد سبقت العرب في السيطرة على العراق وفارس والشام ومصر ، شعوب ذات حضارات عريقة كالفرس والرومان والبيزنطيين ، وفشل هؤلاء في تحقيق الحد الادنى من الاستقرار ومـن العلاقة المتكافئة مع السكان الاصليين ، خلافاً للعرب الذين حملوا معهـم : شعـار المساواة بطريقة فلة ومبتكرة ، كان من العسير جدا على اية دولة « اوتوقراطية ، آنذاك مجاراتهم فيه كمفهوم او ممارسة . واذا لم تحقق الفتوح سوى هذا النمط الايجابي ، وهو تحرير انسانية هذه الشعوب من الاضطهاد الديني والسياسي. 2











________________

1 راجع الطبري ، تاريخ الامم والملوك ج 3 ص 87 : 

2 ابو يوسف  كتاب الخراج ص 84-85 . 





المبحث الثالث معارضة الخوارج

توصف الحركة أنها عراقية محضة سميت بأهل البرانس وذلك لأن جلَّ قياداتها كانوا مما يُعرف بالقُراء، كما سُميت الحركة بالمُحِكّمة وذلك لأنهم رفعوا شعار لا حكم إلا لله ولو كره المشركون. كانت بداية الحركة بمعركة صفين عندما طالب بعض قيادات جيش علي بن أبي طالب بالموافقة على طلب معاوية بالتحكيم وقبوله بإيقاف القتال، كان من بين المطالبين بإيقاف القتال مسعر بن فتكي وزيد بن حصين ومجموعة مما عرف بالقُراء.

وبعد انتهاء المعركة وعودة جيش علي بن أبي طالب للعراق، ذهب قسم من قيادات هذا الجيش والذين اختلفوا مع علي بن أبي طالب، واجتمعوا بمكان يدعى حروراء، وهناك اختاروا لهم إمامًا خاصًا بهم هو عبد الله بن وهب الراسبي، وتطورت الأحداث بين الخوارج وعلي بن أبي طالب لتنتهي بمعركة النهروان، التي قُتل فيها حوالي ثلاثة آلاف من أتباع الحركة على يد جيش علي بن أبي طالب.1

أما الذين نجو من هذه المعركة وكانوا أقل من عشرة، فهم من طوّروا حركة الخوارج (أشهر حركات العصر الأموي مجملًا) حيث عادوا علي بن أبي طالب وكفّروا معاوية، محولين الحركة لتيار فكري. ومن أهم من نجوا، أبي بلال مرداس الذي استقر في البصرى وأسس حركة الخوارج المعتدلين الذين عرفوا بالقُعّد واعتمدوا على النشاط الفكري والعقائدي.

ودخل مرداس سجن ابن زياد أكثر من مرة والتقى في السجن بأحد شخصيات الخوارج المهمة نافع بن الأزرق، وبعد خروجه من السجن غادر البصرة مع نفر قليل من أتباعه واستقر في منطقة تسمى أسك بين رامهرمز وأرجان. وهناك أعلن اعتزاله المجتمع والدولة، قائلًا لانجرد سيفًا ولا نقاتل إلا من قاتلنا، فيما بعد استولى على جزء من مال لقافلة لابن زياد، فجهّز بن زياد حملة ضده، استطاع أبو بلال هزيمتها

فابن الأزرق تبعته فرقة سلكت سلوك العنف لتحقيق أفكارها، وكانت علامة بارزة في العصر الأموي ووجدها البعض سلبية، والبعض الآخر إيجابية. إلا أن ابن الأزرق قُتل فيما بعد سنة 65 هجري، فآلت الزعامة إلى عبيد الله بن المحاوز والذي قُتل فيما بعد حتى ظهر على مسرح الأزارقة قطري بن فجاءة والمهلب بن أبي صفرة من جانب السلطة الأموية. حمل بن فجاءة لقب أمير المؤمنين من قبل أتباعه وصك الدنانير التي تحمل صوره، وتزعّم الخوارج الأزارقة لعقدين من الزمن، حتى قُتل عام 78 هجري، وأخذ  برأسه للحجاج بن يوسف الثقفي.

أما بالنسبة عبد الله بن صفار وعبد الله بن أباض فقد استمرا بنشاطهما الفكري في البصرة، وبثّ الدعاة إلى شمال أفريقيا والأطراف الجنوبية من جزيرة العرب، وقد حققوا نجاحات كبيرة ومؤثرة، كُتب لها النجاح مؤسسة بذلك مذهب الخوارج القُعّد، واستمر وجوده حتى الآن وأتباعه موجودون في عُمان وبعض دول شمال إفريقيا.2

_________________

1 ، الخوارج والشيعة ص14-15 . راجع ايضاً شعبان ، صدر الاسلام ص 107 .

 ( 2 ) محمد عمارة ، المعتزلة والثورة ص 48 -49


الفصل الثاني  المعارضة في الدولة الاموية

المبحث الاول. الشيعية السياسية 

كان التشيع بمفهومه السياسي ، أول الاشكال و الحزبية ، في الاسلام ، مرتبطاً منذ نشأته بالصراع على الخلافة محور التجاذب والجدل بين الهاشميين وبين خصومهم في السلطة ، خاصة بني أمية . فقد ظهـر آنـذاك تياران : الاول تمثله السلطة بـ « شرعيتها ، المكتسبة مع تحول الخلافة الى أمر واقع . والثاني تمثله المعارضة التي احتجت على بيعة و السقيفة ، وتكتلـت حول علي ، حيث كان برأيها الشخصية القادرة والمؤهلة لاستلام الحكم ومسك زمام الامور بعد النبي . ومع انتشار حركة الفتوح وما رافقها من متغيرات جذرية ، اصبحت هذه الصورة أكثر تعقيداً ، عندما برزت تكتلات جديدة أسهمت بأدوار متفاوته في الحياة السياسية في ذلك الوقت . فقد أدى استيلاء الامويين على الخلافة في اعقاب حرب أهلية قبلية طويلة ، الى بلورة الاطار و الحزبي ) للقوى السياسية المتنافسة وظهور و حزبين ، جديدين : أحدها أفرزته المعارضة التي تسلمت الحكم لفترة قصيرة ، وهو « حزب ، الخوارج الذي اتخذ اتجاها متطرفاً طوال العصر الأموي ، وثانيها تحول من الموالاة الى المعارضة بعد انتقال مركز الخلافة الى دمشق ، ولكنه كان و حزباً ، اقليمياً تمحور حول ( المدينة ) ، حاضرة الاسلام الاولى . ولقد نجح هذا الاخير بما لديه من رصيد معنوي في توسيع دائرة النقمة على الحكم الأموي ، ولكنه في النهاية لم ير غير السلفية مخرجاً للازمة ، وما عداهـا يعتبـر خروجاً على الشرعية ونهج الاولين من الخلفاء . هذا في الوقت الذي تابع فيه و الحزب » الرئيسي مسيرته كممثل طليعي للمعارضة السياسية ، وهو الحزب الشيعي ، بأسمه المعبر عن الولاء لعلي والمشايعة لحقه في الخلافة ، ذلك و الحق ، الذي اتخذ اطاره الوراثي بعد اغتياله . 1 ) . وهكذا فان اتجاهات سياسية اربعة ، يمكن تصنيفها في الاطار الحزبي ، كانت تشكل القوى الرئيسية في ذلك الوقت ، وهي كما يلي : 1 ـ حزب الأمويين الذي انتقلت اليه السلطة ، وكان يستمـد القـوة من تحالفاته القبلية و و الارستقراطية ،، القديمة والمستجدة . ولقد اتخذ الشام مركزاً له ، منذ بداية تكوينه السياسي ، دون ان يحالفه النجاح في توسيع هذه الدائرة من نفوذه ما يتعدى هذه المنطقة . ـ بعض المستشرقين 2 ؛ اتجاهاً جمهورياً ، من حيث الدعوة الى اختيار الخليفة عن طريق الجماعة ، والثورة على العرف و الارستقراطي ، و السائد ، وهـو و قرشية » الخلافة . ومن ناحية أخرى ، كان الخوارج أول من نادي بحق الامة في خلع الامام ، اذا فقد الثقة أو اتهم بالانحراف . وهذا يعني أنهم سبقوا المعتزلة في هذا الاتجاه ، وهو الثورة على الامام الجائر . ولكن نقطة الاختلاف بينها ، هو الموقف من الخلفاء الامويين ، حيث طعـن الخوارج في ايمانهم ، بينما كانوا مجرد مغتصبين للسلطة ليس اكثر في رأي المعتزلة . . ولكن و ديمقراطي ة ، الخوارج لم تكن سوى نظرية جوفاء ، تناقضت في الصميم مع التطرف الذي التصق بهم وانعكس على سلوكهم بشكل عام ففي الوقت الذي انتقدوا فيه احتكار قريش للخلافة ، كانت زعامتهم لفتر ما شبه متوارثة في بني تميم ، رواد التمرد على « التحكيم » . ومن ناحية ثانية ، فان ما يتعارض وهذا الشكل السطحي للديمقراطية الخوارجية ، ان جميع و الاحزاب ، مرفوضة لديهم ، أو موضع طعن في الايمان ، بعد ان بالغوا في التعصب لآرائهم واقفلوا الحوار في وجه الآخرين . وقد عاش الخوارج طوال العصر الأموي ، وهم يعانون ذلك التناقض بين النظرية و الديمقراطية ، المتطورة وبين الممارسة المتخلفة ، المصطبغـة بالعنف والارهاب « . 4 ـ حزب الشيعة ، وهو أول اشكال التجمعات السياسية التي ظهرت في الاسلام واكثرها استقطاباً وجماهيرية . وكان التأييد لحق علي في الخلافة السبب المبدئي في ظهوره ، الا ان هذا الولاء لم يكن محكوماً بالحـق الوراثي للاسرة الهاشمية ـ كما يرى ( فلوتن ) ومعظم المؤرخين ـ بقدر ما كان استجابة لمصالح تيار شعبي عريض ، كانت معرضة للخطر منذ ان أخـذ التيار و الارستقراطي ، القديم في التحرك والوثـوب نـحـو السلطة . ولكن الانتقال من التجمع العفوي الى الاطار الحزبي ، لم يتبلور الا في العصر الأموي . واذا كانت خلافة معاوية قد نجحت في تحجيم المعارضة السياسية وتطويق تحركاتها الى حد كبير ، فأن خلافة يزيد أسهمت بدون قصد ، في تهيئة الارضية الملائمة لانفجار حركات ثورية موقوتة ، حددت الاطار العام للاحزاب الاربعة التي مر ذكرها ، لا سيما الحزب الشيعي .

وكانت ثورة الكوفة المجهضة التي انتهت الى سقوط الحسين ورفاقه في كربلاء مقدمة للحركة الشيعية و شهيدها الحقيقي الأول ، كما يرى مؤرخ معاصر " ، وما أعقب ذلك من ظهـور حركة التوابين الانتحارية ، التي استثمرها المختار الثقفي في اقامة أول حكم شيعي منذ تنازل الحسن ، قد اسهمت معاً في بلورة الشكل التنظيمي للحزب الشيعي ووضوح مفاهيمه ، خاصة في الاطار الاجتماعي . فنجح بفضـل اطروحاته الاصلاحية ، في اختراق حواجز القمع والملاحقة ، الى عقول الجماهير التواقة الى المساواة العدالة وهكذا فان التشيع ، سواء في طوره السري قبـل كـربـلاء أو في طوره العلني بعـد ذلك ، كان ظاهرة سياسية لم تمس مطلقاً العقيدة خلافاً للخوارج ، و الحزب ، الذي شارك الشيعة في معارضة الخلافة الاموية . ومن هذا المنظور فان أية خلفية غير سياسية ، لم تكن في ذهن القائمين على و الحزب ، في ذلك الوقت . ولعلنا نلمح ذلك في مقولات القادة التاريخيين للشيعة ، حيث كانت واضحة ومحـلده ، وهـي ذات مدلول سياسي واصلاحي بحت . . اما التشيع في مفهومه الفقهي والعقائدي ، فقد ظهر في وقت متأخر ، واستقر في اطار مدرسة فكرية مستقله 2








_______________________

( 1 ) شعبان ، صدر الاسلام والدولة الأموية من 103 

2كتابنا الحجاز والدولة الاسلامية ص 270 –





المبحث الثاني اليمانيين من حركة الحسين بن علي ( 71 هـ / 181 م 

) شكلت المعارضة العلوية عامـل جـذب في استقطابها لبعض اليمانيين ، وما من شك أن التعاطف معها صنعته الميل لقربهم من الرسول ( 4 ) ، ويظهر أن تأييد الخروج صد الأمويين في الكوفة محصلة كزه دهي لبني أمية عقب تجرتهم على سفك دم وائل بن حجر الكندي " ، وبعض أتباعه أيام معاوية " ، فوجدوا في تعود الحسين للخروج سبيلا للتخلص من بني أمية ملعب الثمانيون دورا في حركته ، فقدموا عليه بكتب أهل الكوفة الداعية إلى قدومه ، ومتضمنة البيعة له ، وكانت الوفود اليمانية عليه ، وفدا بعد وقد ، فأولهم عبيد الله بن سبيع الهمداني وامي الحسين بن علي بمكه لعيني حلون من شهر رمضان ( 1 هـ / 18 م ) فأوصل إليه الكتاب ، ولم يمر يومان حتى ورد عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدر الأرحي ، ومعه خمسون كتابا من أشراف أهل الكوفة ورؤسائها ، فلما أصبح واقـاه سعيد بن عبد الله المتهمي ، ومعه أيضا نحو من خمسين كتابا وهكذا ظلت الوقود متوالية يردف بعضها بعضا ، ولا يخلو وقد إلا ورؤساء اليمن ممثلون فيه مما أكسبه التفه بوجوه القوم من أهل الكوفة " ، فما كان منه إلا أن أرسل مسلم بن عقيل " ليرتب له أمر الكوفة ، حتى يصل إليها فيعلن خلافته إن رأى أنه خير من يريد بن معاوية ، ومن ثم فهـو أحـق منـه بالخلافة " لكن أهل الكوفة تفاعلوا مع مسلم بن عقيل بداية مقدمه ، فما لبتوا أن جدلوه عند قدوم عبيد الله بن زياد والتا على الكوفة ، وتنكروا له ، فلم يجد من يؤويه إلا هاني بن عروة المدحجي الذي فتح داره في الكوسة لإيواء مسلم بن عميل مدركا تبعات إنزاله في بيته ، وانتهت القبائل اليمانية لهذه الحركة ، وفي مقدمها سبلة منحج " تم بيعتها كندة ، وكان على رأسها عبيد الله بن عمرو الكندي في مواجهة جيش عبيد الله بن زیاد " 0 فشلت الحركة في تحقيق مرادها وولدت في مهدها فقد اعتقل هاني بن عروة المرادي ، بعد أن انكشف أمره ، بأن بيته كان مركزا لإيواء أنصار الحسين ، ورغم أن حركة تأييد الحسين قامت على أكتاف اليمانيين مثل هاني بن عروة المرادي " وعمرو بن الحجاج المذحجي ، وعبد الله بن الكندي " ومعظم المؤيدين لـه مـن أهـل الكومة كانوا يمانيين ، فإننا تستطيع القول إن إفشال حركة الحسين ، وترتيبات مسلم بن عقيل لقدومه ، كان بأياد يمنية أيضا مامز الحركة تتبعه عبد الله مسلم الحضرمي وكشفه ، وجد نفسه عينا المزيد  على مسلم الحسين ، فكان يرفع له كل نشاطاتهم وتحركاتهم ، مما سهل القبض عليهم ، وشل حركتهم كليا " . كما عمل عمرو بن الحجاج الزبيدي مع القاضي شريح على تهدئـه خـواطر الناس بطمانة منتج على حياة هانئ بن عروة ، على الرغم من تلفيه الضرب والإهانة ، وتعرض حياته للخطر " " أضف إلى ذلك ما قام به محمد بن الأشعت " زعيم كندة " " من قيادة المواجهة صد أتباع الحسين إلى جانب ابن زياد ، وأعانه على ذلك عبيد الله كنم الداربي " وكان دور ابن الأشعث محـورنا في واد الحركة ، وفرض الهزيمة عليها " ، ناهيك عما قام به عبيد الله بن كثير الحارثي می دور کنار في تخذيل قومه منبع الذين كانوا غالبية جيش مسلم وركته الأساس " ، وعلى أية حال ، لم تعن سبلة هاني عنه شيئا ، ولا أتباعه ممن تابعة للحسين ، فقد أخرج إلى السوق . وإخوته وظل يستصرح مبيلته دون جدوى. 1

_______________________

.1) محمد مهدي شمس الدين ، ثورة الحسين ، ظروفها الاجتماعية وآثارها الانسانية من 142 -147 . 


المبحثث الثالث. المهدية وسقوط الدولة الأموية 

هل كان للمهدية علاقة بسقوط الخلافة الأموية ؟ . . . . هذا السؤال يطرحه ( فلوتن ) في نطاق التعرض لهذه المسألة ودورها في شحن العواطف ضد السلطة . وهو يعتقد أن ثمة مقدمات أو تنبؤات أخذت في الانتشار ، واعدة بالخلاص الآتي من الشرق على يد الرجل ذي الاعلام السوداء ، ( ولا ندري إذا كانت هذه النبوءة سابقة على قيام الثورة العباسية ، أم أنها انتشرت بعد ذلك لتحيطها بهالة من القداسة والروحانية . ولم يكن هذا الرجل سوى أبي مسلم الخراساني ، الذي سيصبح بعد مقتله أحد الرموز الوطنية لجماهير خراسان ، التي نادت به أماماً وانتظرته منقذاً ليملأ الأرض ورحمة @ وكان ( الموالي ) في الحقيقة عصـب الثورة العباسية ، التي اختـارت خراسان نقطة انطلاقتها في الحرب المسلحة ضد الأمويين . ولقـد شاءت السلطة الأموية ، بتناقضاتها القبلية المستفحلة ، أن تقدم خدمة جليلة لقائد الثورة الذي استثمر هذا التناقض ، لتوسيع دائرة نفوذه في أوساط القبائل ، الناقمة على السلطة و القيسية » ، المتمثلة بنصر بن سيار آخر الولاة الأمويين في خراسان . وعلى الرغم من أهمية العامل الجغرافي ، الذي قدم الأرضية الملائمة  والظروف المثالية للتحرك ، إلا أن الدور المؤثر في تحقيق أي انتصار عسكري ، ارتهن لهذه التحالفات العربية . فكان من العسير جدأ إقناع القبائل ، حتى المعادية للأمويين ، باتخاذ مبادرات من هذا النوع ،1 دون حساب ما تحققه من وراء هذا التحالف ، من مكاسب سياسية لخصومها التقليديين . ذلك أن موقف الزعماء القبليين ، لم تكن له سوى الصراع على السلطة ، خلافاً للعـرب المنتشرين في قرى ومزارع خراسان ، الذين كانوا خارج دائرة هذا التطاحن المأساوي . فقـد أعلن هؤلاء موقفهم المؤيد لدعوة أبي مسلم ، بالحاسة نفسها التي حركت جماهير الموالي ) ، وانطلاقاً من المصلحة المشتركة لكل من الطرفين « . ... . . وهكذا فإن تقويم الموقف العربي في خراسان ، من خلال موقف زعماء القبائل ، يحتـاج إلى شيء من المراجعة في توزيع القـوى السياسية ، ليس في العاصمة وحدها ولكن في كافة المنطقة الخراسانية ولذلك فإن مقولة ( فلوتن ) المعروفة ، و بأن العرب كانت تنقصهم العاطفة الوطنية ، « ، تحتاج بدورها إلى إعادة نظر ، حيث المسألة لم تكن مطروحة في هذا الاتجاه ، ولم تشهد الساحة الخراسانية آنذاك هذا الفرز بين تيار وطني وآخر شعوبي . كذلك فهي لا تعبر عن واقع الحال ، إزاء نظام قام في ظروف غير طبيعية وانتهج منذ البدء سياسة فئوية ، أعتقد عن سوء تقدير ، أنها السبيل الأجدى ، إلى صد الأخطار عنه ، بينا أدت في الواقع إلى بعث التعصب القبلي ، الذي كان مصدر الخطر الحقيقي والمرض . . أخيراً . فقد كان الالتزام بالقبيلة وبموقفها ، هو الذي يحدد أية علاقة بين الدولة وبين جماهيرها التي افتقدت احساس المواطنة ، وذلك بعـد فشـل الأولى في تحقيق التوازن بين الأطراف القبلية التي اعتمدت عليهـا ، وأصبحت مرتهنة لمواقفها المتقلبة . وهذا ما يجيب عليه أحداً لم يكن يعنيه سوى مصلحته الخاصة ، وتحديداً مصلحة القبيلة التي ينتمي إليهام غير أن ( فلوتـن ) يبـدو مغـالياً إلى حد ما ، ومنسجماً مع خلفيتـه الرومانسية ، حين يرى أن الثورة العباسية وكأنها من صنـع الرجـل و الخارق ، أبي مسلم 2 وجماهيره من ( الموالي ) 2

__________________________________

Vloten P. 66. ( 1 ) O. P. Cit P. 67. ( 2 ) O. P. Cit P. 67. ( ) ( 1 ) 

2 فاروق عمر ، العباسيون الاوائل ج 1 ص 44



خاتمة

ان الحركات السياسية المعارضة في الإسلام ، خاصة منها السرية ، من خوارج ، ومرجئة ، وشيعة ، ومعتزلة ، وقرامطة ، وأزارقة ، وفاطمية ، وباطنية ، وإخوان الصفا وغيرها .. قد تركت اثارها في الفكر السياسي الاسلامي ، الذي جعل قسطا كبيرا من العالم الاسلامي يعرف اليوم ، هذا التجاذب ، والتشابك بين ما يسمى باليمين في الاسلام ، وما يسمى باليسار في الاسلام كذلك .

فأول معارضة بأشكالها المختلفة ، كانت في الإسلام منذ الخلافة . أي قبل ظهور ماركس ، ولينيني ، وماو ، وانطونيو غرامشي ... وأول من ذكر اسم الأحزاب ، كان القرآن الذي به سورة تسمى بسورة الأحزاب ..

فاين اذن النقص ، وأين الخلل .. لان التراث غني بما يسهل حصول القفزة النوعية ، لخدمة دولة العدالة ، والمساواة ، والحقوق المغيبة ، وربط المسؤولية بالمحاسبة. 





المصادر

1. مصادر ابن الأثير ، عز الدين أبو الحسن علي ( ت 630 هـ ) ـ الكامل في التاريخ - المطبعة الأزهرية ـ القاهرة 131 هـ 

2. ابن خلدون ، عبد الرحمن بن خلدون المغربي ت / 18 هـ ) ـ المقدمة ، المطبعة البهية ، القاهرة ـ 

3. . ابن رجب ، أبو الفرج بن عبد الرحمن بن أحمد الحنبلي ( ت 795 هـ ) الاستخراج في أحكام الخراج . تحقيق عبد الله الصديق ، بيروت - . ابن عبد ربه ، احمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي ( ت 328 هـ ) 

4. ـ العقد الفريد . تحقيق محمد سعيد العريان . المكتبة التجارية الكبرى - القاهرة 1943


المراجع

5. الأمين ، حسن ـ دائرة المعارف الاسلامية الشيعية دار التعارف ـ بيروت . 

6. . الأمين ، محسن أعيان الشيعة ج 1 ، طبعة بيروت د.ت 

7. . - رحلات السيد محسن الأمين . دار الغدير ، بيروت . د.ت . 

8. بيضون ، ابراهيم ـ التوابون ، الطبعة الثانية ، دار التعارف . بيروت 1978 

9. ـ الحجاز والدولة الاسلامية . المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر . بيروت 

10. Vloten P. 66. ( 1 ) O. P. Cit P. 67. ( 2 ) O. 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تحليل وثيقة الامير خالد

بطاقة قراءة لكتاب حمدان بن عثمان خوجة المرٱة

بحث نظريــــــــــــــــــــات التأثير المباشر